ميكانيكا الكم نظرية الكم والتركيب الإلكتروني للذرات

 


نظرية الكم والتركيب الإلكتروني للذرات 


ميكانيكا الكم

نظرية الكم والتركيب الإلكتروني للذرات

تتيح نظرية الكم فهم وتوقع الدور المهم الذي تلعبه الإلكترونات في الكيمياء. حيث تطرح دراسة الذرات عدد من الأسئلة:

1-     كم عدد الإلكترونات الموجودة في كل ذرة.

2-     ماهي الطاقة التي يحملها كل إلكترون من الإلكترونات الموجودة في الذرة.

3-     أين يوجد الإلكترون في الذرة.

وتحمل الإجابة على كل هذه التساؤلات تفسيرات مباشرة لسلوك المواد المختلفة في تفاعلاتها الكيميائية.

7 . 1 من الفيزياء التقليدية إلى نظرية الكم

لم تلق المحاولات التي بذلت في القرن التاسع عشر الميلادي أي نجاح في فهم سلوك الذرات والجزيئات. حيث كان الافتراض هو أن معالجة الذرات والجزيئات  تكون على أساس أنها كرات مترابطة وذلك لتفسير الخواص العيانية macroscopic properties للمواد مثل ضغط الغازات، ولكن هذه النظرة لم تكن قادرة على تفسير خواص المادة على مستوى الجسيمات الصغيرة المكونة للوحدات الأساسية لها (الجزيئات والذرات) وقد استغرق الأمر وقتا طويلا ليستوعب العلماء أن سلوك هذه الجسيمات المتناهية الصغر ليس محكوما بقوانين الفيزياء التي تفسر سلوك الأجسام الكبيرة.

ومع الدراسات التي قام بها العالم الشاب (آنذاك) ماكس بلانك Max Planck في مجال دراسة الاشعاعات التي تنبعث من الأجسام حين يتم تسخينها لدرجات مختلفة بدأ عهد جديد للفيزياء. فقد وجد بلانك أن الذرات والجزيئات تبعث الطاقة فقط عند قيم معينة سماها كمات الطاقة quantum بعكس الفكرة السائدة من أن الطاقة هي كمية متصلة بمعني أن انبعاث الطاقة من أي مادة يمكن أن يكون بأي قيمة. وهذا ما جعل نظرية بلانك للكم تقلب أسس الفيزياء رأسا على عقب وجعل نظرة العلماء وأبحاثهم اللاحقة في هذا المجال تغير المفاهيم القديمة للفيزياء التقليدية إلى الأبد.

خواص الموجات Properties of waves

لنفهم نظرية بلانك للكم علينا أولا أن نعرف الأشياء الأساسية المتعلقة بخواص الموجات waves. تُعرف الموجه بأنها إضطراب ينشأ في الوسط بما يسمح بانتقال الطاقة. ويمكن فهم الخواص الأساسية للموجات عن طريق مراقبة ما يحدث في الموجات المتولدة على سطح الماء (الشكل 7 .1). فالتغيرات المنتظمة في القمم والقيعان المكونة للموجات تمكننا من فهم كيفية سريانها.

تتميز الموجات بمعرفة طولها وارتفاعها وكذلك بعدد الموجات التي تمر في نقطة واحدة لكل وحدة زمنية (ثانية) – الشكل 7 .2. يُعرف الطول الموجي λ the wavelength بأنه المسافة بين أي نقطتين متماثلتين في موجتين متعاقبتين فلو حددنا نقطة على قمة أي موجة فإن الطول الموجي هو المسافة بين هذه القمة وقمة الموجة التي تليها مباشرة. ويُعرف التردد ν the frequency بأنه عدد الموجات التي تمر في نقطة ما في ثانية واحدة. أما سعة الموجة amplitude فإنه مقدار ارتفاع الموجة أو انخفاضها عن السطح المستوي الأساسي الموجود قبل حدوث الاضطراب.

وتعتبر السرعة أيضا من الخواص المهمة للموجات وهذه الخاصية تعتمد على نوع الموجة وعلى طبيعة الوسط الذي تمر به الموجة (أي إن كانت الموجة تسير في الهواء أو الماء أو الفراغ). وتحسب سرعة الموجة على أنها حاصل ضرب الطول الموجي في التردد حسب العلاقة 7. 1. ويمكن تفسير هذه العلاقة على أساس أن λ تعني طول الموجة أي المسافة بالنسبة للموجة distance/wave أما التردد ν فهو فهو عدد الموجات التي تمر في هذه النقطة في كل ثانية أي أنها الموجة بالنسبة للزمن wave/time وبضرب هذه القيم الجديدة المعبرة عن الطول الموجي والتردد نحصل على قيمة فيزيائية تمثل distance/time وهذا هو تعريف السرعة كما نعرفه.

تعطى وحدات الطول الموجي باستخدام وحدات المتر أو أجزاءه (عادة السنتمتر cm والنانومتر nm). ويعبر عن التردد بوحدات الهيرتز Hertz التي تساوي مقلوب وحدة الزمن فهي حسب نظام SI تساوي sec-1.

المثال 7 .1 يوضح كيفية تطبيق هذه العلاقات.

 

 

 

الإشعاع الكهرومغناطيسي Electromagnetic Radiation

هناك أنواع عديدة من الموجات مثل الموجات التي تتولد على سطح الماء أو الموجات الصوتية أو الموجات الضوئية. وقد اقترح العالم جيمس كلارك ماكسويل في العام 1873م أن الضوء المرئي يتكون من موجات كهرومغناطيسية magnetic waves. وعلى حسب نظرية ماكسويل تتكون الموجة الكهرومغناطيسية من مجال كهربي ومجال مغناطيسي متعامدين على بعضهما بحيث أن لهما نفس الطول الموجي والتردد أي لهما نفس السرعة كما في الشكل 7 .3. وقد ظهرت أهمية نظرية ماكسويل في أنها أعطت تفسيرا رياضيا للسلوك العام للضوء. حيث أنها قدمت تفسيرا لكيفية اختراق الاشعاعات الضوئية للفضاء على هيئة مجالات كهربية ومغناطيسية متذبذبة. وبذلك فإن الاشعاع الكهرومغناطيسي هو انبعاث وانتقال الطاقة على هيئة موجات كهرومغناطيسية. تسير الموجات الكهرومغناطيسية في الفراغ بسرعة 3 × 810 متر/ثانية (بعد التقريب). وتختلف هذه السرعة باختلاف الأوساط التي يمر خلالها الضوء (ولكنه اختلاف لايؤثر على الحسابات بمستوى الدقة التي نحتاجها في هذه المرحلة التعليمية). وقد تم الاصطلاح على استخدام الرمز c للتعبير عن سرعة الموجات الكهرومغناطيسية وهو الثابت الذي نسميه عادة بسرعة الضوء speed of light. تعطى قيم الأطوال الموجية عادة بوحدات النانومتر nm خاصة لتلك التي تقع في الجزء المرئي والتي تسمى الضوء المرئي Visible light الذي كما يتضح من الشكل 7 .4 يمثل جزءا صغيرا من الاشعاع الكهرومغناطيسي والذي يقسم إلى مناطق تختلف باختلاف أطوالها الموجية وتردداتها.

تستخدم محطات الارسال هوائيات طويلة حتى يمكنها أن تبعث موجات الراديو التي طولها الموجي كبير يصل إلى بضعة أمتار. أما الأشعة المرئية ذات الأطوال الموجية الأقصر فهي تنبعث من حركة الالكترونات في الذرات والجزيئات. أما أشعة جاما γ ذات الأطوال القصيرة جدا والطاقة العالية جدا فهي تنتج من حركة الجسيمات المكونة للنواة.

نظرية الكم للعالم بلانك Planck's Quantum Theory

تفترض الفيزياء الكلاسيكية أن الذرات والجزيئات يمكنها أن تمتص أو تبعث أي كمية من الطاقة. ولكن نظرية بلانك تفترض أن امتصاص أو انبعاث الطاقة يجب أن يتم بكميات محددة فقط وكأنها طرود أو صناديق صغيرة وقد أطلق بلانك على هذه القطع الصغيرة من الطاقة اسم كمات quantum والتي تعني أصغر كمية من الطاقة يمكن أن تبعثها أو تمتصها المادة بصورة اشعاع كهرومغناطيسي. وقد وضع بلانك المعادلة الآتية التي تعطي طاقة الاشعاع الكهرومغناطيسي

E = hν

حيث h ثابت بلانك ν هو تردد الاشعاع. وتبلغ قيمة ثابت بلانك 6.63 ´ 10-34J. s حيث

ν = c/λ

وبذلك تصبح معادلة بلانك على الصورة

E = h c/λ

وبحسب نظرية الكم فإن الطاقة يجب أن تبعث دائما على هيئة مضاعفات صحيحة للقيمة بمعنى أن المضاعفات المسموحة هي 2hν و 3 و 4 وهكذا ولكن القيمة 1.67 أو القيمة 4.98 غير مسموحتان. ورغم نجاح هذا التفسير إلا أن بلانك لم يكن قادرا على اعطاء السبب الذي يجعل الطاقة تبعث على الشكل المكمى هذا. ولكن هذه النظرية لاقت نجاحا كبيرا في تفسير النتائج التجريبية حيث استخدم العالم أينشتين هذه النظرية لحل مشكلة أخرى كانت تواجه علماء الفيزياء في تلك الأيام، وهي الظاهرة الكهروضوئية التي هي خروج الإلكترونات من سطح الفلزات حين تتعرض لضوء ذو تردد معين، وفسر إينشتين هذه الظاهرة على أساس أن الشعاع الضوئي مكون من سيل من الجسيمات أطلق عليها اسم الفوتونات photons وعلى ضوء نظرية بلانك أعطى اينشتين لكل فوتون طاقة تعطى بمعادلة بلانك

E = hν

حيث ν هي تردد الضوء.

7 . 3 نظرية بور لذرة الهيدروجين Bohr's Theory of the Hydrogen Atom

بعد نجاح تفسير أينشتين للظاهرة الكهروضوئية انفتح الطريق أمام حل معضلة أخرى من أهم المعضلات التي واجهت الفيزيائين في القرن التاسع عشر وهي ظاهرة طيف الانبعاث الذري.

 

 

 

 

طيف الانبعاث Emission Spectra

كان نيوتن هو أول من أوضح أن ضوء الشمس يتكون من عدة ألوان حين تتحد هذه الألوان مع بعضها يتكون الضوء الأبيض. ومن هذه المشاهدة نشأت دراسة خصائص طيف الانبعاث، وهو عبارة عن طيف خطي أو مستمر ينبعث عن الجسيمات حين تتفاعل مع الضوء. ينطلق طيف الانبعاث من أي مادة حين يتم اثارتها بطاقة ذات قدر مناسب (مثل تفريغ كهربي عالي الجهد). ومن أمثلة هذه الظاهرة الإحمرار أو اللون الأبيض الذي ينتج عن تسخين قضيب من الحديد. تمثل هذه الألوان جزء من الإشعاعات التي تصدر عن فلز الحديد وهي الجزء الذي يمكن أن تستشعره العين البشرية وهناك بالمقابل أجزاء لاتستشعرها العين وهي التي تقع في المدى تحت الأحمر infrared region. ومن أهم خواص هذا النوع من الانبعاث أنه مستمر continuous مثل الطيف الشمسي بمعنى أن الطيف يتمثل بجميع الأطوال الموجية بشكل متصل بدون انقطاع الشكل 7 .4.

أما طيف الانبعاث الخاص بالذرات في حالتها الغازية فهو ليس متصلا ولكنه يظهر على هيئة خطوط مضيئة في أجزاء مختلفة من المنطقة المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي. يمثل هذا الطيف الخطي انبعاثا ضوئيا عند أطوال موجية محددة. يوضح الشكل 7 .6 مخطط تمثيلي لتركيب أنبوبة التفريغ المستخدمة لدراسة طيف الانبعاث وفي الشكل 7 . 7 تظهر الخطوط الضوئية الأربع التي تنبعث من ذرة الهيدروجين في أنبوبة التفريغ.

يتميز كل عنصر بطيف الانبعاث الخاص به والمميز له. والخطوط المميزة في الطيف الذري يمكن أن تستخدم كتحليل نوعي للتعرف على أي فلز مجهول بشكل يشبه استخدام بصمات الاصبع للتعرف على الاشخاص. وعندما تتفق الخطوط المكونة لطيف انبعاث عنصر مجهول مع تلك الخاصة بعنصر معلوم فإن هذا يعني أنهما نفس العنصر.

طيف الانبعاث لذرة الهيدروجين

في العام 1913 استطاع العالم الدنماركي نيلز بور Niels Bohr أن يقدم تفسيرا للخطوط الظاهرة في طيف الانبعاث لذرة الهيدروجين. ورغم أهمية هذا التفسير والفرضيات والاستنتاجات التي قدمها فيما يتعلق بتركب ذرة الهيدروجين في ذلك الوقت إلا ان النظرية اليوم تعتبر غير مقبوله في الكثير من جوانبها وتكمن أهميتها الحالية في التفسير الذي قدمه لطبيعة الخطوط الطيفية.

كانت النظرة إلى التركيب الذري في ذلك الوقت تتضمن وجود إلكترونات تدور بسرعة هائلة في مسارات دائرية حول النواة المحتوية على البروتونات بشكل يشبه حركة الكواكب السيارة حول الشمس. وفي هذا الطرح تعمل قوى الجذب الكهروستاتيكية على جذب الإلكترون نحو النواة المخالفة له في الشحنة بينما تعمل قوة الطرد المركزية الناتجة من دوران الإلكترون حول النواة على ابعاد الالكترون عن أن يسقط في النواة وأن هاتين القوتين متعادلتين بشكل يضمن حفظ الإلكترون مستقرا في مداره الدائري حول النواة.

وفي تصور بور للتركيب الذري افترض أن الإلكترون يجب أن يوجد في أماكن محددة من مساره الدائري. وذلك لأن كل مدار يحمل طاقة خاصة محددة له وأن هذه الطاقة يجب أن تكون محددة ومكماة (حسب نظرية بلانك). وبحسب نظرية بور يحدث الانبعاث الضوئي حين ينزل الإلكترون من مدار عالي الطاقة إلى مدار أقل طاقة ليبعث كمة من الطاقة quantum of energy أو فوتون ضوئي photon of light كما في الشكل 7 .9 .  وباستخدام عدد من المعالجات الرياضية المبنية على أساس التفاعلات الكهروستاتيكية وقوانين نيوتن للحركة وضع المعادلة الرياضية الآتية لحساب طاقة الإلكترون في ذرة الهيدروجين

حيث RH هي ثابت رايدبرج Rydberg constant الذي له القيمة 2.18 ´ 10-18 Joule، أما n فهي تمثل أعداد صحيحة تسمى عدد الكم الرئيس principle quantum number الذي يأخذ القيم من 1 ، 2 ، 3 ، ...

وتدل الاشارة السالبة في المعادلة 7 . 5 على أن طاقة الإلكترون في الذرة يجب أن تكون أقل من طاقة الإلكترون الحر البعيد بشكل لانهائي عن النواة. وقد اصطلح على اعطاء الإلكترون الحر طاقة بقيمة صفرية وهذه التي تقابل رياضيا عدد كم رئيس بقيمة لانهاية ¥ في المعادلة 7 .5 أي عندما

E¥ = 0

وكلما ازداد اقتراب الإلكترون من النواة وذلك بنقصان قيمة n كلما زادت القيمة المطلقة للقيمة En أي زادت قيمتها السالبة. وبذلك فإن أعلى قيمة سالبة هي عندما n = 1 وهي حالة الطاقة الإكثر استقرارا وهي التي تسمى الحالة الأرضية ground state أو المستوى الأرضي ground level، وهي الحالة الأقل طاقة في النظام (الذي هو الذرة في هذه المناقشة). وتقل طاقة الإلكترونات كلما زدات قيمة n التي عندما تأخذ القيم 2، 3، ... تظهر الحالات التي يطلق عليها اسم الحالات المثارة excited states أو المستويات المثارة excited levels وهي التي طاقتها أكبر من طاقة الحالة أو المستوى الأرضي. وبحسب نظرية بور يعتمد نصف قطر كل مدار دائري على قيمة n2 حيث أن القيمة المربعة تعني أن نصف القطر يزداد بشكل كبير، وكلما ازداد ابتعاد الالكترون عن النواة كلما قل ارتباطه بها.

تمكن بور في نظريته أن يعطي تفسيرا للخطوط الظاهرة في طيف الهيدروجين، حيث تتسبب الطاقة الاشعاعية الممتصة بواسطة الذرة في تحرك الإلكترون من مستوى طاقة اقل (قيمة n له صغيرة) إلى مستوى طاقة أعلى (قيمة n له كبيرة) وبعد ذلك يتم انبعاث الطاقة الاشعاعية (في صورة فوتونات) حين يعود الإلكترون مرة أخرى إلى المستوى الأرضي. تشبه حركة الإلكترون من مستوى إلى آخر حركة كرة التنس على درجات السلالم صعودا أو هبوطا كما في الشكل 7 . 10.  حيث أن الكرة تنتقل من درجة إلى أخرى ولكنها لن تكون أبدا في المناطق بين الدرجات. وتعتبر النقلة إلى الدرجة الأعلى عملية متطلبة للطاقة والعكس. والطاقة اللازمة لكل انتقال يعتمد على المسافة بين المرحلة الابتدائية والنهائية. وبالمثل تعتمد الطاقة اللازمة لتحريك الإلكترون بين المدارات في ذرة بور على الفرق في الطاقة بين الحالتين البدائية والنهائية.

ولتطبيق المعادلة 7 .5 على عملية الانبعاث في ذرة الهيدروجين فإننا يجب أن نفترض أولا أن الإلكترون في الحالة المثارة ni وعندما ينزل الإلكترون إلى المستوى الأقل طاقة nf الذي يمكن أن يكون هو المستوى الأرضي أو مستوى مثار ولكنه أقل طاقة من المستوى ni. والفرق في الطاقة بين هذين المستويين يعطى بالمعادلة

 

ولأن هذا الانتقال ينتج عنه انبعاث للفوتونات التي لها التردد ν وبالتالي فإن طاقتها ν hنستطيع أن نكتب

وعندما ينبعث الفوتون فإن ni > nf. وعليه فإنه عندما تكون القيمة داخل الأقواس سالبة فإن هذا سيؤدي إلى قيمة طاقة سالبة أي أن الطاقة تنطلق من النظام. أما عندما يتم امتصاص الطاقة أي أن ni < nf يصبح الحد داخل الأقواس موجبا. يقابل كل خط طيفي في طيف الانبعاث انتقال مقابل في مستويات الطاقة لذرة الهيدروجين. ويعتمد مدى وضوح الخطوط الطيفية على عدد الفوتونات التي تنبعث عند نفس الطول الموجي.

يتضمن طيف الانبعاث لذرة الهيدروجين مجموعات من الخطوط تقع في مناطق مختلفة من الطيف الكهرومغناطيسي تتراوح ما بين منطقة فوق البنفسجي (متسلسلة ليمان Lyman serie) إلى المنطقة المرئية (متسلسلة بالمر Balmar serie) والمنطقة تحت الحمراء (متسلسلة باشن Bachen وبراكت Brakett وفوند Pfound) والجدول 7 .1 يوضح هذه المتسلسلات وقيمة ni الخاصة بكل متسلسلة وقيم nf التي يمكن أن تصل إليها. تمثل الأسماء ليمان وبالمر وبراكت وباشن وفوند أسماء العلماء اللذين قاموا بدراستها. وقد كان بالمر هو أول من قام بالدراسة حيث أن أربعة خطوط من السلسلة الخاصة به هي التي تقع في المنطقة المرئية مما جعل دراستها سهلا. يوضح الشكل 7 . 9 الخطوط الخاصة بكل متسلسلة في حالة عملية الانبعاث والمثال 7 . 11 يوضح كيفية حساب طاقة الانتقالات بين المستويات المختلفة.

7. 5 ميكانيكا الكم

لم يستطع بور في نظريته أن يعطي تفسيرات أطياف الانبعاث للعناصر التي تمتلك أكثر من إلكترون مثل الهيليوم والليثيوم كم أنه لم يكن قادرا على تفسير السبب في ظهور خط طيفي جديد في طيف الهيدروجين حين تتعرض لمجال مغناطيسي خارجي.

وقد كان العالم هايسنبرج هو من حل مشكلة تحديد مكان الجسيم الذي يتحرك حركة موجية حين قدم صياغة لمبدأ عدم التأكد uncertainty principle والتي تنص على أنه "من المستحيل أن نحدد بدقة تامة عزم ومكان وجود الإلكترون في نفس الوقت". والصياغة الرياضية لها المبدأ

حيث أن p= mu، تمثل p العزم الذي هو حاصل ضرب كتلة الإلكترون m في سرعته u، Dp الخطأ في تحديد قيمة العزم.

h ثابت بلانك

Dx الخطأ في تحديد موضع وجود الإلكترون

تعني المعادلة 7 .9 أنه إذا استطعنا قياس عزم الجسيم بدقة (أي أصبحت قيمة Dp صغيرة جدا) فإن معرفتنا بمكان وجود الإلكترون تصبح أقل دقة (أي يصبح Dx قيمة أكبر)، والعكس بالعكس.

ويمكن تمثيل الوضع بالمثال التشبيهي الآتي اننا إذا أردنا أن نلتقط صورة فوتوغرافية لسيارة تتحرك بسرعة كبيرة فإن أمامنا أحد طريقين الأول لأن نضبط غالق الكاميرا على سرعة بطيئة وبذلك نحصل على صورة مشوشة للسيارة ولكنها كافية لتعطي الانطباع بسرعة حركتها، والطريقة الأخرى أن نضبط غالق الكاميرا على سرعة كبيرة وفي هذه الحالة سنحصل على صورة واضحة المعالم للسيارة ولكن ليس فيها أي أثر للحركة. وهكذا بتطبيق هذه الفكرة على حالة الإلكترون نجد أن الإلكترون ليس كما تصور بور أنه يلف في مدار دائري محدد الملامح وإلا لكان من الممكن أن نحدد بدقة كبيرة مكان وجوده أي موضعه (من مواصفات المدار الذي يشغله) وعزمه (من قيمة طاقة حركته) ولكن هذا مستحيل حسب مبدأ عدم التأكد.

ورغم أن فكرة الطاقة المكماة لحركة الإلكترون في الذرة كانت فكرة ناجحة إلا أن نظرية بور لم تكن قادرة على اعطاء وصف كاف لسلوك الإلكترون في الذرة. وفي العام 1926 م قدم العالم النمساوي ايرون شرودنجر معادلة تفاضلية لوصف حركة الإلكترون في الذرة بناءا على معالجة رياضية معقدة آخذا في الاعتبار قوانين نيوتن للحركة والمعادلات الموجية وفرضية دي بروجلي للطبيعة الموجية للإلكترون مع الاحتفاظ بحد الذي بعبر عن الطبيعة الجسيمية للإلكترون وهو قيمة كتلته m. عن الخاصية الموجية في معادلة شرودنجر بالدالة بساي y التي تعبر عن موضع الإلكترون في الذرة.

ليس للدالة y أي معنى فيزيائي مباشر ولكن مربعها y2 يدل على احتمالية وجود الإلكترون في حيز معين من الفضاء المحيط بالنواة. وقد جاء هذا الفرض من النظرية الموجية التي تربط قيمة y2 التي هي عبارة عن مربع سعة الموجة بتناسب طردي مع كثافة الضوء. حيث أن أكثر الأماكن احتمالية لوجود الفوتون هي حين تكون الكثافة الإلكترونية أكبر ما يمكن. وبالمثل تمثل قيمة y2 احتمالية وجود الإلكترون في المنطقة المحيطة بالنواة.

وقد كانت معادلة شرودنجر بداية لعصر جديد في الفيزياء والكيمياء وبدأ معه علم جديد يسمى علم ميكانيكا الكم أو الميكانيكا الموجية التي أساسها النظري هو نظرية الكم quantum theory.

استخدام الميكانيكا الكمية لوصف ذرة الهيدروجين

تحدد معادلة شرودنجر مستويات الطاقة الممكن أن يشغلها الإلكترون في ذرة الهيدروجين ومنها يعرف الدالة الموجية y2 المقابلة لكل مستوى. وتتميز مستويات الطاقة هذه بمجموعة من أعداد  الكم التي منها يمكننا أن نضع نموذجا وافيا لتركيب ذرة الهيدروجين.

وعلى الرغم من أن معالجات الميكانيكا الموجية لا تمكننا من أن نحدد مكان ذرة الهيدروجين بالضبط إلا انها تحدد لنا المنطقة التي يحتمل وجود الإلكترون بها عند زمن معين. ومن هنا يظهر مفهوم السحابة الإلكترونية electron density الذي يعني احتمالية وجود الإلكترون عند منطقة معينة من الذرة. حيث تحدد مربع الدالة y2 توزيع السحابة الإلكترونية في الفضاء ثلاثي الأبعاد المحيط بالنواة. وتمثل المناطق ذات السحابة الإلكترونية عالية الكثافة المناطق الأكثر احتمالا لوجود الإلكترون والمناطق ذات الكثافة الإلكترونية المنخفضة تمثل المناطق الأقل احتمالا لوجود الإلكترون.

وللتفرقة بين مفاهيم الميكانيكا الكمية ووصف بور للذرة فمن المتعارف عليه استخدام مصطلح فلك ذري atomic orbital للدلالة على دالة الإلكترون الموجية في الذرة بدلا من مصطلح مدار orbit الذي وضعه بور لوصف المدارات ثنائية الأبعاد في نظريته. وعندما نتحدث عن إلكترون في فلك محدد فإننا نعني بالقول توزيع الكثافة الإلكترونية أو احتمالية وجود الإلكترون في الفضاء الذي تحدده مربع الدالة الموجية y2 في الذرة. وبذلك يكون للفلك الذري طاقة محددة وتوزيع محدد للسحابة الإلكترونية الخاصة به. وقد نجحت معادلة شرودنجر في إعطاء وصف دقيق لحركة الإلكترون في ذرة الهيدروجين المحتوية على إلكترون وبروتون أما الذرات المحتوية على أكثر من إلكترون فإن الحلول الدقيقة غير ممكنة ولكننا نلجأ لطرق تقريبية لمحاولة الحل وهذه الطرق تعطي نتائج مرضية إلى حد كبير.

7. 6 أعداد الكم Quantum Numbers

حسب معطيات ميكانيكا الكم يلزمنا ثلاث أعداد كمية لوصف الإلكترون الوحيد الموجود في ذرة الهيدروجين تنتج هذه الأعداد الكمية من حل معادلة شرودنجر رياضيا. تتضمن هذه الأعداد:

عدد الكم الرئيس principle quantum number

عدد الكم الثانوي أو عدد كم العزم الزاوي angular momentum quantum number

عدد الكم المغناطيسي magnetic quantum number

تستخدم أعدد الكم هذه في وصف الإلكترون والفلك الذي يشغله. أما عدد الكم الرابع فهو يصف حركة الإلكترون تحت ظرف محدد وهو مهم لاعطاء الوصف الكامل للإلكترون.

عدد الكم الرئيس n

يعطى بقيم صحيحة تأخذ قيم تتراوح ما بين 1 إلى 7 وهي نفس أعداد الكم التي اقترحها بور في المعادلة 7 . 5 وهي في ذرة الهيدروجين تمثل البعد عن النواة وطاقة الفلك الذي يشغله (هذا لاينطبق تماما على الذرات الأخرى غير ذرة الهيدروجين) فمن المعروف أنه كلما زادت قيمة n كلما زاد بعد الإلكترون عن النواة وكلما زادت طاقته وصار يشغل فلكا أكبر حجما.

عدد كم العزم الزاوي (  l) angular momentum quantum number

يحدد عدد كم العزم الزاوي l شكل الفلك الذي يتخذه الإلكترون في دورانه حول النواة. وتعتمد القيم التي يتخذها على قيمة عدد الكم الرئيس n، ففي حالة قيمة معينة من n يتخد عدد كم العزم الزاوي القيم من الصحيحة من صفر حتى أعلى قيمة له التي يجب أن لاتتجاوز n-1 . فإذا كان عدد الكم الرئيس n=1 فإن قيم l هي 0 فقط وإذا كانت n = 2 فإن قيم l هي 0 و 1 وإذا كانت قيمة n = 3 فإن l يأخذ القيم 0 و 1 و 2 وهكذا. ولكل قيمة من l يوجد حرف مقابل يمثل الرمز الطيفي الخاص بشكل الفلك حسب الجدول الآتي

5

4

3

2

1

0

L

H

g

F

d

p

s

Name of orbital

لاحظي انها تمثل بالأحرف الصغيرة small letters، وهذا يعني عندما l = 0 فإن الفلك هو s وعندما l = 1 فإن الفلك هو p (وليس P بالحرف الكبير). تمثل هذه الرموز شكل الخطوط الطيفية لطيف الانبعاث كما تم رصدها من العلماء اللذين قاموا بدراسة طيف الهيدروجين. حيث

 

تعني حاد

s = sharp

تعني رئيسي

p = principle

تعني مشوش

d = diffuse

تعني أساسي

f = fundemental

أما الرموز التالية لهذه الأربعة فهي تتبع الترتيب الأبجدي g, h, i, j, k, …. وعندما يكون لدينا عدد من الأفلاك التي لها نفس عدد الكم الرئيس فإنه يقال أنها تمثل غلافا shell رئيسيا. أما الأفلاك الممثلة بالقيم المختلفة من l  فهي تمثل أغلفة فرعية subshells. فعلى سبيل المثال الغلاف الرئيس n = 2 يمتلك غلافان فرعيان هما 2s و2p.

وتوضح أيضا قيمة عدد الكم هذا عدد المستويات العقدية التي تظهر في السحابة الإلكترونية الممثلة لحركة الإلكترون حول النواة ففي حالة ما يتخذ القيمة 0 فإن الفلك يظهر بدون مستويات عقدية ويكون له الشكل الكروي وهذه حالة الفلك s. أما حين يتخذ  القيمة 1 فإن هذا يعني أن الفلك يمتلك مستوى عقدي واحد وتمثل السحابة الإلكترونية على شكل فصين يفصل بينهما منطقة تبلغ قيمة الكثافة الإلكترونية فيها صفر أي أنها منطقة قيمة احتمال وجود الإلكترون فيها صفر وهذه هي المستوى العقدي nodel plane وهي حالة الفلك p. أما في الفلك d حيث l = 2 لأنه يحتوي على مستويين عقديين وبذلك تمثل السحابة الإلكترونية على هيئة أربعة فصوص. وثمانية فصوص في الفلك f الذي قيمة l = 3 وله ثلاث مستويات عقدية.

عدد الكم المغناطيسي The magnetic quantum number ml

يمثل عدد الكم هذا اتجاه الفلك في الفضاء في الغلاف الفرعي وتعتمد قيمته على قيمة l فهو يأخذ قيمه الصحيحة السالبة والموجبة مرورا بالصفر. ولكل قيمة l هناك عدد من القيم لعدد الكم المغناطيسي تساوي 2 l + 1 بمعنى إذا كانت l = 0 أي حالة الفلك s فإن لدينا عدد 0 من قيم ml . وإذا كانت l = 1 أي حالة الفلك p فإن لدينا عدد 2(1) +1 = 3 من قيم ml . . وإذا كانت l = 2 أي حالة الفلك d فإن لدينا عدد 2(2) +1 = 5 من قيم ml. والجدول 7- 2 يوضح القيم المقابلة من ml لكل قيمة l .

عدد الكم المغزلي The spin quantum number ms

أظهرت التجارب على طيف الانبعاث لكل من الهيدروجين والصوديوم أنه وجودد تأثير لمجال مغناطيسي خارجي يؤدي إلى انشطار كل خط طيفي من الطيف الظاهر لهما. وكان التفسير الوحيد المقبول لهذه الظاهرة هو أن كل إلكترون يتصرف كأنه مغناطيس صغير وهذا لا يحدث إلا لو كان الإلكترون يغزل حول محوره كما تدور الأرض حول محورها. فعلى حسب النظرية الكهرومغناطيسية تتولد المجالات المغناطيسية من حركة الغزل للشحنات أو الجسيمات المشحونة ويوضح الشكل 7 . 16 الاحتمالين الممكنين لحركة الغزل للإلكترون الأولى حين يكون الدوران مع عقارب الساعة clockwise والثانية ضد عقارب الساعة counterclockwise ومن هنا يحتم علينا ادخال عدد كم جديد رابع لوصف هذه الحركة المغزلية وهو العدد ms الذي يمكن أن يأخذ القيم ½+ أو ½-.

وقد جاء الدليل القاطع على وجود حركة مغزلية للإلكترون على يد العالمين اوتو سترن ووالتر جيرلوش في العام 1924م بالتجربة الموضحة في الشكل 7 -17 حيث يسري شعاع من الذرات الغازية المسخنة المتولدة في فرن لتمر عبر مجال مغناطيسي غير متجانس هنا ظهر أن التفاعل بين الإلكترونات والمجال المغناطيسي قد أدى إلى انحراف الذرات عن مسارها المستقيم وحيث أن الحركة المغزلية حركة عشوائية فقد حدث أن انحرف نصف الذرات إلى اتجاه وانحرف النصف الثاني إلى الاتجاه الثاني.

7 . 7 الأفلاك الذرية

يوضح الجدول 7 . 2 العلاقات المختلفة التي تربط اعداد الكم الأربع ببعضها في تركيب الذرة وعلاقتها بأشكال الأفلاك الذرية كما يأتي:

أفلاك s s orbitals- من اهم ما يطرح من أسئلة في هذا المقام هو الآتي : ما هو شكل الفلك الذي يتخذه الإلكترون؟ والاجابة أن الفلك ليس له شكل محدد لأن الدالة الموجية المحددة للفلك تمدد من النواة وحتى اللانهاية مما يجعل وصف شكل الفلك صعبا. وبالمقابل فإنه من المفيد التفكير في أن الأفلاك لها أشكال محددة خاصة عندما نريد أن نصف كيفية حدوث الترابط الكيميائي.

ولحل هذا التناقض فإننا نقول أنه من الصحيح أن الإلكترون يمكن أن يوجد في أي مكان في الذرة وبالقرب من النواة إلا أن كثافة السحابة الإلكترونية المتخلفة من حركته تختلف من منطقة لأخرى (وهذه في حالة الفلك 1s) تتمدد من داخل الذرة إلى خارجها بمعنى أنها تكون كثيفة جدا بالقرب من النواة ثم تقل كثافتها بشكل متجانس كلما ابتعدت إلى اللانهاية التي عندها تصبح الكثافة صفرا. وبالتقريب يمكننا أن نقول أن الإلكترون يقضي 90% من وقته بالقرب من النواة في محيط كروي له نصف قطر يبلغ 100 بيكومتر. وبذلك يصبح التمثيل برسم دائري أو كروي يعني أن هذه هي الحدود السطحية التي تغلف المنطقة التي تمثل 90% من السحابة الإلكترونية الكلية الناتجة عن حركة الإلكترون في الفلك 1s.

يوضح الشكل 7 . 19 الحدود السطحية لأفلاك 1s و 2s و 3s لذرة الهيدروجين وجميعها عبارة عن أفلاك كُروية الشكل spherical shapes ولكنها تختلف في أحجامها حيث يزداد الحجم بزيادة عدد الكم الرئيس. ومن الملاحظ أن هذا النوع من التمثيل يفتقد إلى تفاصيل توزيع الكثافة الإلكترونية ولكنه في ذات الوقت مفيد لتخيل كيفية شكل الفلك وكذلك حجمه النسبي مقارنة بغيره في الذرة.

أفلاك p p orbitals يبدأ ظهور أفلاك p في الغلاف الثاني أي أن أول غلاف فرعي من p له العدد الكمي الرئيس n = 2 أي أنه 2p. وفي هذه الحالة عدد الكم المغناطيسي يأخذ ثلاث قيم هي +1, 0, -1 مما يعني أن الفلك p يمكن أن يأخذ ثلاث توجهات فراغية على المحاور الكارتيزية أي انه ينقسم إلى ثلاث أفلاك هي الموضحة بالشكل 7 . 20 وهي التي تسمى px, py, pz تعني الرموز الصغيرة الموجوده مع كل حرف من p الاتجاه الذي يتخذه الفلك في الفراغ أو المحور الكارتيزي الذي توجد حوله السحابة الإلكترونية الخاصة بالفلك. هذه الأفلاك الثلاثة متماثلة تماما في الشكل والحجم وهذا يعني أن الإلكترون الذي يشغلها له نفس القدر من الطاقة.

وكما وضحنا سابقا أن الاختلاف بين الأفلاك 1s و 2s و 3s ... يكون فقط في الحجم وفإن الحال بالمثل بين الأفلاك 2p و 3p و 4p ... تختلف فقط في أحجامها التي تزيد بزيادة قيمة عدد الكم الرئيس الذي يعني زيادة الطاقة أي أنه كلما كبر حجم الفلك كلما زادت طاقة الإلكترون الذي يشغله.

أفلاك d والأفلاك الأعلى طاقة d orbitals and other higher energy orbitals. عندما تتخذ l القيمة 2 هذا يكون ابتدأ من الغلاف الرئيس الثالث أي الفلك 3d الذي له خمـــــس قيم من عدد الكم المغناطيسي هي +2, +1, 0, -1, -2 وهي الممثلة بالشكل 7 . 21 بالأسماء الموضحة في الشكل. وكما في حالة أفلاك p فإن الاختلافات في أفلاك d يكون فقط في اتجاه الفلك ولكن الإلكترونات فيها لها نفس القدر من الطاقة. واختلاف أفلاك 3d و 4d و 5d ... عن بعضها يكون فقط في الحجم وليس في الشكل.

تظهر أهمية أفلاك f عند دراسة عناصر الكتلة f من الجدول الدوري التي هي الفلزات المعروفة باسم اللانثنيدات والأكتنيدات مثل فلزي الثوريوم 90Th و اليورانيوم 92U وهذه الأفلاك السبعة لها أشكال معقدة نوعا ما وهي في الوقت الحالي خارجة عن اطار دراستنا.

 

 

طاقات الأفلاك

الآن وبعد أن حددنا الفروقات بين الأفلاك المختلفة في حجومها وأشكالها أصبح من المهم أن نحدد مقادير طاقاتها النسبية لمعرفة كيفية تأثر ترتيب الإلكترونات في الذرة بمستويات الطاقة المتاحة. وعلى حسب المعادلة 7 . 5 فإن طاقة الإلكترون في ذرة الهيدروجين تتأثر بشكل حصري بقيمة عدد الكم الرئيس n وبالتالي فإن طاقة الأفلاك في ذرة الهيدروجين تزيد حسب الترتيب الآتي:

1s < 2s = 2p < 3s = 3p = 3d < 4s = 4p = 4d = 4f < …

ومن هذا يتضح أنه رغم أن شكل السحابة الإلكترونية تختلف في حالى الفلك 2s عن الفلك 2p إلا أن الإلكترون في  كلاهما له نفس القدر من الطاقة. وأن الفلك 1s يمثل أكثر أقل طاقة ممكنة للالكترون أي أنه الحالة الأكثر استقرارا أي الحالة الأرضية ground state. والإلكترون الموجود في هذا الفلك هو الأكثر ارتباطا بالنواة فهو الأقرب لها، أما حين يوجد الإلكترون في المستويات الأعلى طاقة فإنه طاقتة تزيد وتصبح الذرة في الحالة المثارة.

أما بالنسبة للذرات الأكبر من الهيدروجين فإن صورة مستويات الطاقة المتاحة للإلكترونات تصبح أكثر تعقيدا ويدخل عامل الحركة الزاوية المتمثلة في عدد كم العزم الزاوي ليحدد طاقة إلى جانب اعتمادها على قيمة عدد الكم الرئيس، والشكل 7 . 23 يحدد الطاقات المختلفة للمستويات الفرعية والرئيسية في ذرة متعددة الإلكترونات ومنها يتضح أن الفلك 3d له طاقة متقاربة جدا مع طاقة الفلك 4s. وتعتمد قيمة الطاقة الكلية للذرة ليس فقط على مجموع طاقات الأفلاك المشغولة ولكن أيضا على قيم طاقات التنافر بين الإلكترونات التي تشغل هذه الأفلاك مع التذكير بأن طاقة استيعاب كل فلك من أفلاك المستويات الفرعية يبلغ الكترونين فقط، وهذا ما يجعل في هذه الحالة من المحبذ أن يتم ملىء الفلك 4s أولا بالكترونين لأنهما أقصى استيعاب له ومن ثم يتم ملىء الأفلاك الخمسة للمستوى 3d. يوضح الشكل 7 . 24 الترتيب الذي تملأ به الأفلاك الخمسة حسب تزايدها في الطاقة وهذا هو ما يعرف بمبدأ البناء الصاعد Aufbau principle.

7 . 8 التركيب الإلكتروني

تسمح معرفة الأعداد الكمية الأربعة لأي إلكترون بأن نستطيع تحديد هذا الإلكترون بدقة في فلك محدد في الذرة بمعنى أن هذه الأعداد الكمية تمثل ما يشبه العنوان الدقيق للإلكترون. فعلى سبيل المثال الأعداد الكمية الأربعة لأحد إلكترونات الفلك 2s هي الآتي:

n = 2,  l =0, ml = 0 and ms = +½  or -½

وهذه الأعداد عادة ما يشار إليها بطريقة مبسطة كالتالي (2, 0, 0, -½ )  أو (2, 0, 0, +½ ) حيث الأرقام من اليسار إلى اليمين تمثل الأعداد الكمية الأربعة n و l و ml و ms على التوالي. ومن الواضح أن قيمة عدد الكم المغزلي ms لاتؤثر على شكل ولاحجم الفلك مما يعني أنها لاتؤثر على طاقته. يوضح المثال 7 . 8 كيفية تعيين أعداد الكم لأحد إلكترونات الفلك 3p.

تعتبر ذرة الهيدروجين أبسط ذرة معروفة وتركيبها الإلكتروني يتضمن وجود الإلكترون الوحيد في الفلك 1s عندما تكون الذرة في حالتها المستقرة أو يكون في أحد الأفلاك الأعلى طاقة عندما تكون الذرة في حالتها المثارة. أما بالنسبة للذرات الأكبر من الهيدروجين فإن تحديد تركيبها الإلكتروني هو أمر على جانب كبير من الأهمية وهو طريقة لوصف كيفية توزيع الإلكترونات في الأفلك الذرية المختلفة الأمر الذي يعطي تأثيرا مباشرا على كيفية سلوكها الكيميائي.

اكتبي التوزيع الإلكتروني للذرات التي لها الأعداد الذرية من 2 و حتى 18، وانظري الكتاب صفحة 293 لمعرفة طريقة الكتابة العادية للتوزيع الإلكتروني وطريقة المربعات لتوضيح طريقة عزل الإلكترون.

قاعدة باولي للاستبعاد Pauli Exclusion Principle

تطبق هذه القاعدة للذرات المحتوية على أكثر من إلكترون وتنص على أنه من المستحيل أن يتفق إلكترونين في نفس الذرة في أعدادهم الكمية الأربعة فإذا اتفق الإلكترونات في الأعداد الكمية الثالثة الأولى فمن الواجب أن يكون لكل منهما عزل مختلف عن الآخر. وبعبارة أخرى أن كل فلك يجب أن يشغل فقط بالكترونين على شرط أن يكونا متعاكسين في الغزل. انظري الكتاب صفحة 294 لطريقة توزيع الإلكترونين في ذرة الهيليلوم 2He.

الخاصية البارامغناطيسية والخاصية الديامغناطيسية

تعتبر قاعدة باولي للاستبعاد من أهم أسس ميكانيكا الكم، وما يجعلها أهم من أن تعتبر مجرد نظرية أنها مدعومة بمشاهدة تجريبة قاطعة فلو كان الإلكترونين الموجودان في الفلك 1s لذرة الهيليوم متوازيين في الغزل لكان المجموع الكلي للعزم الناتج عن حركتيهما المغزلية مساويا لمجموع ما يساهم به كل إلكترون حيث أنهما يعززان بعضهما بسبب غزلهما في نفس الاتجاه ولكن الحقيقة التجريبية تظهر أنهما ليسا كذلك مما يؤكد أنهما موجودان في الحالة المستقرة بشكل متعاكس في الغزل أي أن كلاهما يلغي العزم الناتج من حركة الآخر وبذلك تعتبر ذرة الهيليوم ذرة ديامغناطيسية أي ذرة لاتحتوي على إلكترونات منفردة. أما ذرة الهيدروجين بالمقابل فهي ذرة بارامغناطيسية لأنها تحتوي على إلكترون وحيد منفرد.

وبصفة عامة تعرف المواد البارامغناطيسية paramagnetic substances بأنها المواد التي تنجذب إلى خطوط القوى الناشئة عن مجال مغناطيسي خارجي نتيجة لوجود إلكترونات منفردة في تركيبها الإلكتروني.

أما المواد الديامغناطيسية diamagnetic substances فهي المواد التي تتنافر مع خطوط القوي الناشئة عن مجال مغناطيسي خارجي وهذا راجع لأن تركيبها الإلكتروني يحتوي فقط على إلكترونات مزدوجة.

ومن قياس الخواص المغناطيسية للعناصر نحصل على أكثر الدلائل التجربيبة المباشرة على كيفية ترتب الإلكترونات في الأفلاك. وقد ساهمت التطورات الكبيرة التي طرأت على تقنيات أجهزة القياس في تمكين العلماء من تعيين التوزيع الإلكتروني وتحديد عدد الإلكترونات المنفردة لكل العناصر. وبصفة عامة يمكننا القول أن أي ذرة تحتوي على عدد ذري فردي هي ذرة ذات خواص بارامغناطيسية راجعة لوجود إلكترون أو أكثر في صورة منفردة. ولكننا بالمقابل لانستطيع أن نقول أن الذرات ذات العدد الذري الزوجي تكون دائما ديامغناطيسية فهي من الممكن أن يحتوي توزيعها على إلكترونين أو أكثر في صورة منفردة وهذا كما في حالة ذرة الأكسجين 8O ذات العدد الذري الزوجي ولكنها تحتوي كما دلت القياسات التجريبية على إلكترونين منفردين كما سيظهر في المناقشة اللاحقة.

تأثير الحجب في الذرات عديدة الإلكترونات

وجد عمليا أن الفلك 2p أعلى طاقة بقليل من الفلك 2s للذرات متعددة الإلكترونات، لذلك فإنه لعمل توزيع إلكتروني لذرة تحتوي على 3 إلكترونات التوزيع الأقل طاقة هو 1s2 2s1 وليس 1s2 2p1 وهذا يفسر بناءا على ما يعرف بتأثير الحجب للأفلاك القريبة من النواة. يوضح الشكل 7 . 27 رسم بياني لكيفية توزيع دالة الاحتمال القطري للأفلاك 1s و 2s و 2p ومن الشكل يظهر أنه نظرا لكبر حجم كل من 2s و 2p مقارنة بالفلك 1s فإن الإلكترونات فيهما سوف تقضي وقتها بعيدا عن النواة بشكل أكبر من حالة الإلكترونات في الفلك 1s، والفلك 1s كروي الشكل وقريب من النواة مما يجعل ارتباط الإلكترونين اللذان يشغلانه أكبر ما يمكن الأمر الذي يؤدي إلى حجب تأثير النواة جزئيا عن الإلكترونات في الفلكين 2s و 2p الأبعد عن النواة يقلل التجاذب الإلكتروستاتيكي بين الإلكترونات فيهما وبين الشحنة الموجبة على النواة مقارنة بوضع إلكترونات الفلك 1s.

والأمر الذي يجعل الفلك 2s أقل طاقة من الفلك 2p رغم أنهما من نفس الغلاف الرئيس يرجع إلى طبيعة توزيع الكثافة الإلكترونية في كلاهما فكما يتضح من الشكل 7 . 27 أن حجم الفلك 2s أكبر من نظائره في 2p ولكن الكثافة الإلكترونية له بالقرب من النواة أكبر من الكثافة الإلكترونية لأفلاك 2p يتضح هذا من الجزء الصغير من دالة الاحتمال القطري للفلك 2s الأمر الذي يجعله فلكا أكبر اختراقا للجزء الداخلي من الذرة القريب من النواة وبذلك يصبح أقل حجبا بواسطة 1s مقارنة بالفلك 2p. وبصفة عامة فإن قدرة الفلك على الاختراق للمنطقة الداخلية من الذرة تقل كلما زدات قيمة l  للأفلاك التي لها نفس عدد الكم الرئيس n بمعنى أن الترتيب سيكون كالآتي

s > p > d > f > …

وحيث أن ثبات الإلكترون يتحدد بمدى ارتباطه بالنواة (أي قربه منها) فإن هذا سيؤدي إلى الإلكترونات في الفلك 2s أقل طاقة من إلكترونات الفلك 2p. أو بعبارة أخرى يتطلب نزع الإلكترونات من أفلاك 2p طاقة أقل من اللازمة لنزع إلكتروني الفلك 2s التي تعاني من تأثير حجبها عن النواة بواسطة الفلكين 1s و 2s الأقرب للنواة. وأخيرا يمكننا أن نقول أن الإلكترون الوحيد في ذرة الهيدروجين لا يعاني من أي تأثير حجب. راجعي الكتاب صفحة 296 لكيفية توزيع ذرات 4Be و 5B بطريقة الكتابة وطريقة المربعات.

قاعدة هوند Hund's Rule

التي تنص على أن أكثر الطرق ثباتا لعمل التوزيع إلكتروني للإلكترونات التي تحتل نفس الغلاف الفرعي هي أن تشغله بشكل متوازي الغزل أولا حتى تحقق أكبر عدد ممكن من الإلكترونات المنفردة ولاتبدأ في الإزدواج إلا حين لايصبح أمامها خيار آخر. ولأمثلة على تطبيق هذه القاعدة انظري الكتاب صفحة 296 لكيفية عمل التوزيع الإلكتروني لكل من ذرات 6C و 7N و 8O بطريقة المربعات. ومن هنا نجد لماذا يحتوي الإكسجين على إلكترونين منفردين كما دلت القياسات التجريبة للخواص المغناطيسية التي ذكرناها سابقا.

يوضح الكتاب أيضا في صفحة 297 التوزيع الإلكتروني أيضا لذرات الفلور 9F والنيون 10Ne. ومنه تظهر الخواص الديامغناطيسي لذرة النيون التي أكدتها القياسات التجريبية.

القواعد العامة لتوزيع الإلكترونات والأفلاك الذرية

مما سبق يمكننا وضع القواعد التالية لكيفية عمل التوزيع الإلكتروني على مختلف الأغلفة الفرعية والأفلاك الذرية. هذه القواعد هي:

1-     لكل غلاف رئيس قيمته n هناك عدد n أيضا من الأغلفة الفرعية أي للغلاف n =2 هناك غلافان فرعيان هما 2s و 2p.

2-     كل غلاف فرعي له القيمة l يحتوي على عدد (2l+1) من الأفلاك مثلا الغلاف الفرعي p يحتوي على 3 أفلاك.

3-     لا يمكن أن يوجد أكثر من إلكترونين في كل فلك ذري وبالتالي فإن أقصى عدد للإلكترونات في كل غلاف فرعي هي ضعف عدد أفلاكه.

4-     يمكن تعيين العدد الأقصى من الإلكترونات في كل غلاف رئيس حسب العلاقة 2n2.

يوضح المثالين 7 . 9 و 7 .10 هذه القواعد.

7 . 9 مبدأ البناء الصاعد

وهو ما يعرف بمبدأ أوفباو aufbau أي البناء باللغة الألمانية، والذي ينص على كما يتزايد العدد الذري للعناصر بزيادة عدد البرتونات في النواة فإن الإلكترونات أيضا يتزايد عددها تدريجيا بزيادة العدد الذري للعناصر وتضاف تدريجيا للأفلاك حسب تزايد طاقتها. وهذا هو المبدأ الأساسي الذي به يتم عمل التوزيع الإلكتروني للعناصر وهو العامل الأساسي المؤثر على الخواص الكيميائية واختلافها في العناصر المختلفة كما سنرى لاحقا.

يوضح الجدول 7 . 3 التوزيع الإلكتروني للعناصر بادأ من الهيدروجين 1H وحتى عنصر الرونتجنيوم 111Rg (نسبة للعالم رونتجن) ويمثل الجدول طريقة كتابة التوزيع الإلكتروني باستخدام قلب الغاز الخامل (باستثناء عنصري الهيدروجين والهيليوم) أي أن القوس المربع تحتوي على رمز الغاز الخامل الذي يمثل عدد الإلكترونات التي هي القلب الخامل للذرة والتي لاتدخل في التفاعلات الكيميائية ولافي الترابط، والتوزيع المكتوب هو فقط للإلكترونات التي تشغل الأفلاك الأعلى طاقة والأبعد عن النواة. ومن الملاحظ أن طريقة الكتابة هذه تحتم استخدام الغاز الخامل الذي يسبق العنصر ويقل عنه في العدد الذري بمعنى أننا كي نعمل التوزيع الإلكتروني لعنصر الصوديوم 11Na علينا أن نكتبه بدلالة عنصر النيون 10Ne وليس الأرجون 18Ar وكذلك لعنصر الكلور 17Cl فإننا أيضا نستخدم الدلالة بعنصر النيون 10Ne. استخدام هذه الطريقة يحتم على الطالب أن يحفظ الأعداد الذرية لجميع الغازات الخاملة عن ظهر قلب.

وعند عمل التوزيع الإلكتروني لعنصر البوتاسيوم 19K فإن الدلالة تكون لعنصر الأرجون 18Ar الذي له التركيب الإلكتروني [10Ne] 3s2 3p6 ومنه يضاف الإلكترون التاسع عشر إلى الفلك 4s وليس 3d كما شرحنا سابقا. ليصبح التوزيع الإلكتروني لعناصر البوتاسيوم 19K والكالسيوم 20Ca كالتالي:

19K : [Ar] 4s1

20Ca : [Ar] 4s2

هذه الطريقة في التوزيع الإلكتروني يدعمها حقيقة التشابه الكبير في الخواص الكيميائية بين فلز البوتاسيوم والصوديوم والليثيوم اللذان لهما تركيب إلكتروني في الغلاف الأخير مشابه لتركيب الغلاف الأخير للبوتاسيوم. وبالمثل يتشابه كل من التوزيع الإلكتروني للغلاف الأخير والخواص الكيميائية للكالسيوم مع المغنسيوم.

وابتدأ من العنصر الذي له العدد الذري 21 وهو السكانديوم Sc وحتى عنصر النحاس 29Cu تظهر العناصر الانتقالية التي يتم فيها الملىء التدريجي للفلك 3d وبذلك تعرف العناصر الانتقالية بأنها العناصر التي تحتوي على غلاف داخلي d غير مكتمل أو أن التركيب الإلكتروني لأكثر كاتيوناتها ثباتا تحتوي على غلاف d غير مكتمل. مرة أخرى يجب مراعاة تطبيق قواعد هوند عند عمل التوزيع الإلكتروني لعنصري الكروم 24Cr والنحاس 29Cu ، انظري الكتاب صفحة 299.

وبعد عنصر الزنك 30Zn تأتي 6 عناصر يتم فيها الملىء التدريجي للفلك 4p حتى نصل إلى نهاية الدورة الرابعة الممثلة بالغاز الخامل الكربيتون 36Kr وبعده يظهر في بداية الدورة الخامسة عنصر الروبيديوم 37Rb الذي له التركيب الإلكتروني [Kr] 5s1 المشابه لتركيب البوتاسيوم. ومن ثم السترونشيوم 38Sr الذي له التركيب الإلكتروني [Kr] 4s2 ثم تظهر العناصر الانتقالية مرة أخرى إذ أن العناصر ذات الأعداد الذرية من 39 وحتى 47 (الفضة Ag) تمثل أيضا الملىء التدريجي للفلك 4d مما يجعل التعريف السابق للعناصر الانتقالية ينطبق عليها. مع وجوب تطبيق قواعد هوند على عنصري المولبدنم 42Mo والفضة 47Ag. وبعد ذلك عنصر الكادميوم 48Cd ثم العنصر الستة التي يتم فيها الملىء التدريجي للفلك 5p والتي تنتهي بغاز الزينون 54Xe.

بعد عنصري السيزيوم 55Cs والباريوم 56Ba يظهر عنصر اللانثانم 57La الذي له التركيب الإلكتروني

[Xe] 6s2 5d1 وليس [Xe] 6s2 4f1

ولكن ابتدأ من عنصر السيريوم 58Ce يبدأ ملىء الفلك 4f لتظهر متسلسلة من 14 عنصر تلي عنصر اللانثانم حتي عنصر اللوتيتيوم 71Lu تعرف باسم عناصر اللانثنيدات نظرا لتشابهها الكيميائي مع عنصر اللانثانم وكذلك يطلق عليها اسم العناصر الأرضية النادرة. وبعد هذه العناصر تعود العناصر الانتقالية مرة أخرى للظهور ابتدأ من عنصر الهافنيوم 72Hf حتى الذهب 79Au ثم عنصر الزئبق 80Hg ثم ستة عناصر يتم فيها ملء الفلك 6p تدريجيا لتنهي الدورة السادسة بالغاز الخامل الرادون 86Rn.

تبدأ الدورة السابعة بعنصر الفرانسيوم 87Fr ثم عنصر الراديوم 88Ra ثم عنصر الأكتنيوم 89Ac الذي يتشابه تركيبه الإلكتروني مع اللانثانم وبعده عنصر الثوريوم 90Th الذي هو بداية متسلسلة الأكتنيدات وهي أيضا الأربعة عشر عنصرا التي تلي الأكتنيوم والتي تتشابه معه في الخواص الكيميائية والتي تنتهي بعنصر اللورنسيوم.

وأخيرا من الواجب التنويه على النقطتين التاليتين.

1-     العناصر التي تلي عنصر اليورانيوم 92U ليس لها وجود في الطبيعة وهي عناصر صناعية حضرت في معامل أبحاث الدراسات النووية. وكذلك عنصري التكنيتيوم 43Tc والبروميثيوم 61Pm.

2-     العناصر التي لها عدد ذري أكبر من 83 أي العناصر ما بعد البزموت 83Bi ليس لها أي نظير مستقر أي أنها جميعا عناصر مشعة حتى تلك التي تسبق اليورانيوم فهي عناصر موجودة في الطبيعة ولكنها مشعة.

 


Post a Comment

أحدث أقدم